يفكر «جون ووجودا» في ظاهرة الاحتباس الحراري، بنفس الأسلوب الصارخ الذي تفكر به «جريتا ثونبيرج»، الناشطة السويدية المراهقة. وفي الإضرابات المناخية الأخيرة في تورونتو (قادت ثونبيرج إحداها)، وصف ووجودا الوضع بأنه «أزمة وجودية» والمجتمع في حالة من «الإنكار» بشأنها.
لكن عندما يحين الوقت للتصويت في الانتخابات الفيدرالية الكندية في أكتوبر، فإنه لن يصوت لصالح حزب «جرين» (أو الخضر)، الحزب الذي ذهب إلى أبعد مدى في تعهده بمعالجة الانبعاثات الدفيئة، رغم اعتقاده بأن هناك حاجة ملحة لاتخاذ إجراءات صارمة. يقول ووجودا، وهو رجل أعمال سبق أن عمل في منظمة السلام الأخضر، «لا يستطيع الناس التصويت لشيء سيدمر وجودهم الاقتصادي». ويستطرد: «لا يمكنني التوقف عن قيادة سيارتي حالياً، إذ علي الذهاب للعمل. مع هذا النوع من الاقتصاد الذي أنشأناه، يتمتع الناس بهامش صغير للغاية من الحرية». وما يود أن يراه هو خطة طموحة تقدمها الأحزاب الرئيسية لإحداث تغيير طويل الأجل. ويوضح أنه في الوقت الحالي، وفي بلد يقول العلماء إن درجة الحرارة فيه ترتفع بضعف المعدل الذي يشهده بقية العالم، «فإن التغيير الوحيد الذي يمكن إحداثه هو داخل الحزبين الرئيسيين». ثم يوضح الانفصال بين الضرورة الملحة التي يوليها الناس للعمل المناخي منذ انتخابات 2015 والسبب في أن حزب الخضر لا يشهد «الموجة الخضراء» المتوقعة.
وبالطبع، فإن حزب الخضر الكندي يشهد زخماً، ويستعد للقيام بعمل أفضل من أي وقت مضى. ويتمتع الحزب الذي تقوده «إليزابيث ماي» حالياً بتأييد نسبته 10.1%، أي أكثر بثلاثة أضعاف مما حصل عليه في 2015، وفقاً لآخر استطلاع رأي أجرته مؤسسة «سي بي سي». لقد شهد حزب الخضر، الذي كانت قاعدته منذ فترة طويلة تتركز في مقاطعة «بريتيش كولومبيا»، نمواً سريعاً، وأصبح المعارضة الرئيسية في جزيرة الأمير إدوارد في الانتخابات المحلية الأخيرة. كما فاز أيضاً بمقاعد إقليمية في بريتيش كولومبيا، ونيو برونزويك وأونتاريو.
بيد أن جزءاً من جاذبية الحزب لا علاقة لها بالمناخ؛ فهو «لم يعد حزب القضية الواحدة. ولهذا السبب فهو قادر على اجتذاب أصوات التقدميين: المناصرون لحقوق المرأة والعمل ونشطاء المجتمع»، وفقاً لما يقوله «دونالد رايت»، أستاذ العلوم السياسية بجامعة نيو برونزويك.
وكما هو الحال في أوروبا، يرى حزب الخضر نفسه هنا بمثابة صوت احتجاج للكنديين المحبطين. يقول زعيمه في أونتاريو «مايك شرينر»: «هناك رغبة عميقة في انتهاج طريق جديد في ممارسة السياسة، ونهج حزب الخضر المتمثل في كونه أكثر تعاوناً وأقل سُميّة وقادر على المواجهة، يعد جاذبا للغاية للناس».
وإلى حد ما، اضطر الخضر لتمييز أنفسهم عن التيار الرئيسي. وأصبح التغير المناخي، الذي كان يمثل قضية ثانوية، السياسة التي تحظى بأولوية بالنسبة لكافة الأحزاب السياسية وسط تحذيرات مناخية وخيمة، ناهيك عن الاهتمام المتزايد بحرائق الغابات والفيضانات وموجات الحرارة.
وكان زعماء الحزب الرئيسيون في احتجاجات المناخ الأسبوع الماضي، فيما عدا المرشح المحافظ «أندرو شير». وهذا يفسح الطريق لتحدٍ آخر أمام الخضر: التصويت الاستراتيجي. تقول «ليز ميلر»، التي كانت تحتج في تورونتو، إنها طوال حياتها تصوت لصالح حزب الخضر. لكن المخاطر مرتفعة للغاية هذا العام، لذا فهي ستصوت للحزب الليبرالي، أو ستبادل صوتها مع شخص آخر يمكنه التصويت للخضر في دائرة انتخابية أخرى، لضمان عدم فوز المحافظين.
وتعد المخاوف الانتخابية من حدوث انقسام في الأصوات في يوم الانتخابات قصة قديمة بالنسبة للخضر. وكذلك الحال مع القضايا المنهجية؛ فمن دون وجود تمثيل نسبي، ستعاني الأحزاب الأصغر.
في أول مناظرة للقادة عقدت هذا الأسبوع وضمت رئيس الوزراء «جوستين ترودو»، تم استبعاد «ماي» بشكل مثير للجدل، لأن الحزب لا يشغل مقاعد في كيبيك.
لكن نظراً للحالة المزاجية، ومدى نمو حزب الخضر، يشعر قادة الحزب بالتفاؤل بشأن حدوث انفراجة هذا العام. وقال نائب الحزب «دانيال جرين» إن «التغير المناخي يحدث الآن، وهو يضر الناس».
ومع ذلك، فرغم الاحتجاجات المناخية العالمية واهتمام وسائل الإعلام بثونبيرج، من السهل المبالغة في تقدير مدى أهمية قضايا المناخ للناس. في استطلاع للرأي أجرته هذا العام شركة «نانوس» للأبحاث، أصبحت البيئة للمرة الأولى على رأس القضايا الوطنية التي تستحوذ على الاهتمام. وتم الاستشهاد بنتيجة الاستطلاع على نطاق واسع، بحسب ما قال منظم الاستطلاع «نيك نانوس». وقد أوضح أنه ليس كل الذين يدرجون البيئة على رأس اهتماماتهم يهتمون بالاحتباس الحراري. فبعضهم ضد السياسة المناخية مثل ضريبة الكربون التي فرضها ترودو.
إن بعض الكنديين يشعرون بقلق عميق حيال البيئة، لكنهم يتساءلون عما إذا كان حزب الخضر على استعداد للقيادة.
*مراسلة صحيفة في تورونتو
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
لكن عندما يحين الوقت للتصويت في الانتخابات الفيدرالية الكندية في أكتوبر، فإنه لن يصوت لصالح حزب «جرين» (أو الخضر)، الحزب الذي ذهب إلى أبعد مدى في تعهده بمعالجة الانبعاثات الدفيئة، رغم اعتقاده بأن هناك حاجة ملحة لاتخاذ إجراءات صارمة. يقول ووجودا، وهو رجل أعمال سبق أن عمل في منظمة السلام الأخضر، «لا يستطيع الناس التصويت لشيء سيدمر وجودهم الاقتصادي». ويستطرد: «لا يمكنني التوقف عن قيادة سيارتي حالياً، إذ علي الذهاب للعمل. مع هذا النوع من الاقتصاد الذي أنشأناه، يتمتع الناس بهامش صغير للغاية من الحرية». وما يود أن يراه هو خطة طموحة تقدمها الأحزاب الرئيسية لإحداث تغيير طويل الأجل. ويوضح أنه في الوقت الحالي، وفي بلد يقول العلماء إن درجة الحرارة فيه ترتفع بضعف المعدل الذي يشهده بقية العالم، «فإن التغيير الوحيد الذي يمكن إحداثه هو داخل الحزبين الرئيسيين». ثم يوضح الانفصال بين الضرورة الملحة التي يوليها الناس للعمل المناخي منذ انتخابات 2015 والسبب في أن حزب الخضر لا يشهد «الموجة الخضراء» المتوقعة.
وبالطبع، فإن حزب الخضر الكندي يشهد زخماً، ويستعد للقيام بعمل أفضل من أي وقت مضى. ويتمتع الحزب الذي تقوده «إليزابيث ماي» حالياً بتأييد نسبته 10.1%، أي أكثر بثلاثة أضعاف مما حصل عليه في 2015، وفقاً لآخر استطلاع رأي أجرته مؤسسة «سي بي سي». لقد شهد حزب الخضر، الذي كانت قاعدته منذ فترة طويلة تتركز في مقاطعة «بريتيش كولومبيا»، نمواً سريعاً، وأصبح المعارضة الرئيسية في جزيرة الأمير إدوارد في الانتخابات المحلية الأخيرة. كما فاز أيضاً بمقاعد إقليمية في بريتيش كولومبيا، ونيو برونزويك وأونتاريو.
بيد أن جزءاً من جاذبية الحزب لا علاقة لها بالمناخ؛ فهو «لم يعد حزب القضية الواحدة. ولهذا السبب فهو قادر على اجتذاب أصوات التقدميين: المناصرون لحقوق المرأة والعمل ونشطاء المجتمع»، وفقاً لما يقوله «دونالد رايت»، أستاذ العلوم السياسية بجامعة نيو برونزويك.
وكما هو الحال في أوروبا، يرى حزب الخضر نفسه هنا بمثابة صوت احتجاج للكنديين المحبطين. يقول زعيمه في أونتاريو «مايك شرينر»: «هناك رغبة عميقة في انتهاج طريق جديد في ممارسة السياسة، ونهج حزب الخضر المتمثل في كونه أكثر تعاوناً وأقل سُميّة وقادر على المواجهة، يعد جاذبا للغاية للناس».
وإلى حد ما، اضطر الخضر لتمييز أنفسهم عن التيار الرئيسي. وأصبح التغير المناخي، الذي كان يمثل قضية ثانوية، السياسة التي تحظى بأولوية بالنسبة لكافة الأحزاب السياسية وسط تحذيرات مناخية وخيمة، ناهيك عن الاهتمام المتزايد بحرائق الغابات والفيضانات وموجات الحرارة.
وكان زعماء الحزب الرئيسيون في احتجاجات المناخ الأسبوع الماضي، فيما عدا المرشح المحافظ «أندرو شير». وهذا يفسح الطريق لتحدٍ آخر أمام الخضر: التصويت الاستراتيجي. تقول «ليز ميلر»، التي كانت تحتج في تورونتو، إنها طوال حياتها تصوت لصالح حزب الخضر. لكن المخاطر مرتفعة للغاية هذا العام، لذا فهي ستصوت للحزب الليبرالي، أو ستبادل صوتها مع شخص آخر يمكنه التصويت للخضر في دائرة انتخابية أخرى، لضمان عدم فوز المحافظين.
وتعد المخاوف الانتخابية من حدوث انقسام في الأصوات في يوم الانتخابات قصة قديمة بالنسبة للخضر. وكذلك الحال مع القضايا المنهجية؛ فمن دون وجود تمثيل نسبي، ستعاني الأحزاب الأصغر.
في أول مناظرة للقادة عقدت هذا الأسبوع وضمت رئيس الوزراء «جوستين ترودو»، تم استبعاد «ماي» بشكل مثير للجدل، لأن الحزب لا يشغل مقاعد في كيبيك.
لكن نظراً للحالة المزاجية، ومدى نمو حزب الخضر، يشعر قادة الحزب بالتفاؤل بشأن حدوث انفراجة هذا العام. وقال نائب الحزب «دانيال جرين» إن «التغير المناخي يحدث الآن، وهو يضر الناس».
ومع ذلك، فرغم الاحتجاجات المناخية العالمية واهتمام وسائل الإعلام بثونبيرج، من السهل المبالغة في تقدير مدى أهمية قضايا المناخ للناس. في استطلاع للرأي أجرته هذا العام شركة «نانوس» للأبحاث، أصبحت البيئة للمرة الأولى على رأس القضايا الوطنية التي تستحوذ على الاهتمام. وتم الاستشهاد بنتيجة الاستطلاع على نطاق واسع، بحسب ما قال منظم الاستطلاع «نيك نانوس». وقد أوضح أنه ليس كل الذين يدرجون البيئة على رأس اهتماماتهم يهتمون بالاحتباس الحراري. فبعضهم ضد السياسة المناخية مثل ضريبة الكربون التي فرضها ترودو.
إن بعض الكنديين يشعرون بقلق عميق حيال البيئة، لكنهم يتساءلون عما إذا كان حزب الخضر على استعداد للقيادة.
*مراسلة صحيفة في تورونتو
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»